تأمّلات في طلبة القديسة مريم العذراء



"تأمّلات في طلبة القديسة مريم العذراء"
للخوري مخايل صافي

اليوم الثاني والعشرون
نتأمّل: "يا معزيّة الحزانى"

إنّ هذه الدنيا هي وادي الدموع والنحيب. وادي المصائب والنكبات، أمراض، أوجاع، فقر، حروب، فقد بنين وأهل وأحبّاء. وهذه النكبات تسبّب أحزانًا وتجعل الحياة مريرة كئيبة. لذلك نحن بحاجة إلى معزٍّ يخفّف أحزاننا ويحلّي مرارة الحياة. وهذا المعزّي هو سيّدتنا مريم العذراء التي قد أعطاناها سيّدنا يسوع المسيح أمًّا لنا. والأم تستطيع أن تخفّف الحزن أكثر من غيرها. لنلجأ إليها في مصائبنا وأحزاننا مشركين أحزاننا بأحزانها التي كابدتها من مشاهدة ابنها على الصليب. فهذه التي ذاقت مرارة الأحزان ترقّ لأحزان أبنائها وتنعطف لتخفيفها، وتعطينا الشجاعة لاحتمالها، وتعلّمنا أن نحتملها كما احتملت هي أحزانها بالخضوع لأحكام الله والتسليم لإرادته القدّوسة، فتتقدّس أحزاننا وتصبح لنا مصدر تعزيات روحيّة. 
ويوجد أحزان أمرّ من الأحزان التي ذكرناها تنتج عن اليأس وقطع الرجاء من الخلاص. كثيرون كانوا في حزن شديد لقطع رجائهم من الخلاص. وبإكرامهم لمريم العذراء حصلوا على التعزية آملين نيل الخلاص!
أمّا الحزن الذي ينبغي أن يفوق كلّ حزن هو أن نحزن من الشرور والخطايا التي تغيظ الله كابتعاد الناس عن الدين وعن الكنيسة وعن الأسرار المقدّسة وانغماسهم في الآثام والخطايا. فمثل هذا الحزن هو مقدّس كما يقول سيّدنا يسوع المسيح: طوبى للحزانى من أجل البرّ فإنّهم يُعزَّون!

نموذج:
تصوّر أيّها المسيحيّ في أحزانها ذلك المشهد الأليم، مشهد مريم العذراء، يسوع مائت في حضنها، مشوّه الوجه، مرضض الجسم، مثقوب اليدين والرجلين، مضرّج بالدم. ابنها يسوع البريء الذي لم يصنع إلاّ الخير، بادلوه الشرّ. ولم يبدِ إلاّ المحبّة للجميع، بادلوه البغض. أعطاهم الحياة فأذاقوه الموت، أزال آلامهم فأنزلوا به العذاب، شفى أمراضهم وأوجاعهم فأثخنوه بالجراح من الرأس حتّى أخمص القدم. 
تصوّر أيّها المسيحيّ مشهد مريم العذراء هذا وحزنها الشديد عندما تلمّ بك شدّة أو يفقدك الموت أحد الأعزّاء على قلبك. إنّ العذراء في أحزانها لم تنتقد عناية الله ولا تدبيره ولا أحكامه، بل خضعت لإرادته القدّوسة مقدّمة أحزانها وآلامها لتكميل مشيئته الإلهيّة. ما أجملك أيّها المسيحيّ أن تتشبّه إبان أحزانك بأمّك مريم العذراء وتستسلم إلى مشيئة الله الذي يجعلك شبيهًا بابنه الوحيد يسوع المسيح وبأمّه العذراء مريم اللذين أوهنهما مرّ العذاب وشدّة الأحزان.


إكرام: "اتّخذ مريم العذراء مثالاً لك في أحزانك، 
فاصبر واعتصم بالصبر مثلها واخضع لأحكام الله".

نافذة: "يا معزيّة الحزانى تضرّعي لأجلنا".


عن كتاب: شهر أيّار
تأمّلات في طلبة العذراء - للخوري مخايل صافي

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

صلاة يوم الخميس أكراماً للقربان المقدس🕯🙏

صلاة الى مار عبدا

صلاة قويّة للروح القدس